رجب 1434ه، الموافق 10حزيران ( يونيو ) 2013
نص اللقاء التي اجرته مجلة الوقائع الدولية مع الدكتور رشيد بن محمد الطوخي في مكتبه بجاكرتا
د. رشيد الطوخي وملف الثورة السورية
أجرت مجلة الوقائع الدولية الأسبوع الماضي حديثا شاملا مع رئيس تحريرها
الدكتور رشيد بن محمد الطوخي حول المستجدات على الساحة العربية والدولية
عموما وآخر التطورات على الساحة السورية على وجه الخصوص ، وقد تطرق الدكتور
إلى معظم القضايا والأحداث سواء داخل سورية أو خارجها وتناول
بشكل كامل بداية الأحداث والثورة المسلحة ثم بطولات الجيش الحر وتشكيلات
المعارضة السورية على مختلف أنواعها ، وأيضا الائتلاف الوطني وتوسعته
الأخيرة وردود فعل نشطاء الداخل والخارج ، وهذا الحديث الشامل والمتنوع
والذي تم في العاصمة الإندونيسية جاكرتا كان بحق ملف الثورة السورية . أجرى الحوار منصور الشهري – جاكرتا
-دكتور رشيد هل لكم أن تحدثونا عن ما يجري حاليا بشكل عام وشامل؟
لن أتحدث كثيرا عن البدايات الأولى للثورة فهي معروفة للجميع منذ أن
انطلقت الثورة بشكل سلمي إلى أن تحولت إلى الكفاح المسلح بسبب تعنت النظام
السوري وعدم قدرته على احتواء الأزمة في البداية وكذلك بسبب اختيار الحل
الأمني والقمع الوحشي للمسيرات والمظاهرات السلمية التي كانت تطالب بالحرية
، علما أن تلك المظاهرات لم تكن ترفع شعار المطالبة بتغيير النظام وهذا
الشعار تم رفعه والمناداة به بعد المجازر والوحشية التي رد بها النظام على
المتظاهرين في درعا ؛ ولكنني سأتحدث معكم عن بدايات العمل المسلح أو عن ما
يعرف بتأسيس الجيش الحر والذي أسسه عدد من المنشقين الأوائل مثل المقدم
حسين هرموش والعقيد رياض الأسعد وغيرهم ، ولكننا للأسف نجد أن من وضع نواة
هذا الجيش وأسس خلاياه وقاد معظم معاركه مغيب تماما عن العمل العسكري
والسياسي بل لنكن صريحين بشأن المقدم هرموش الذي لم يعرف أحد حتى الآن
رواية رسمية واضحة ومعتمدة لاعتقاله أو اختطافه وتسليمه للأمن السوري ، ثم
ما حدث للعقيد رياض الأسعد من تهميش وشراء معظم القادة العسكريين حوله حتى
أصبح وحيدا إلا من عدد قليل من المرافقين وأخيرا تعرضه لمحاولة اغتيال وبتر
قدمه وما لحق ذلك من إهمال متعمد بحقه حتى أنه يقال أنه لم يقم أحد
بزيارته من قادة المعارضة ولم يقدم له الائتلاف حتى باقة ورد عدا عن أن
فاتورة المستشفى في تركيا قدمتها الحكومة التركية وليس الائتلاف وما تبع
ذلك من أحاديث في بعض الصحف بأن سبب ذلك كله يعود إلى خلافه الشديد مع
الإخوان المسلمين ورفضه تنفيذ أوامرهم وصد محاولاتهم للسيطرة على قيادة
الجيش الحر وجميع فصائله وما كان منهم إلا أن كافئوه بالإهمال وعدم التكريم
بعد أن نجا من الموت بمحاولة اغتيال لا تزال غامضة حتى الآن . -برأيك دكتور هل تسير الثورة بالطريق السليم الآن ؟
أخي من المعروف أنه في عالم الثورات هناك مراحل مختلفة ، ومن يصنع الثورة
ليس هو من يقطف ثمارها ، والثورة السورية المسلحة تشعبت كثيرا بسبب
انتقالها من حالة السلم إلى الكفاح المسلح لنيل الحرية وهذه الانتقالية
النوعية لم يكن الثوار مهيئون لها لا كماً ولا كيفاً ؛ فمصادر التسليح
معدومة والقرار السياسي الدولي ضدهم والقاعدة الشعبية على أرض الواقع منهكة
بسبب الحالة السلمية التي طالت ، وعدا عن هذا وذاك هناك العنف المفرط من
جانب النظام والضربات الموجعة للشعب اجتماعيا واقتصاديا وغيرها ، ثم قدرة
النظام السوري على اختراق صفوف المعارضة السياسية وتشتيت إجماعهم وتفريق
كلمتهم .. كل هذا جعل القيادات السياسية المعارضة تختلف فيما بينها وتتشوش
لديها الرؤية الصحيحة للحل وهو أيضا ما أحبط الثوار داخل سورية وجعل العديد
منهم ينفرد بالقرار دون الرجوع إلى قيادة موحدة ومعظمهم ليسوا أصحاب خبرات
ولا تاريخ عسكري وإنما مدنيون انخرطوا في سلك الثورة المسلحة ، ونستطيع
القول أن معظم الثوار المسلحين سواء في جنوب سورية أو شمالها أو المناطق
الساخنة في حمص والقصير وغيرها لا يهمهم كثيرا اجتماعات الساسة ولا يتابعون
نهائيا تحركات الائتلاف وعلى الأغلب هم في واد وجماعة الائتلاف في واد آخر
، وحتى الآن لم يثبت أي فصيل أو تيار سياسي أن لديه القدرة على التحكم في
العمل العسكري ولا حتى الإخوان المسلمين أنفسهم. -على ذكر الإخوان المسلمين وما نسمعه عن محاولاتهم للسيطرة على جميع مقدرات الثورة المسلحة ومساراتها .. كيف ترون ذلك ؟
الإخوان المسلمين في سورية عانوا من الظلم والاضطهاد لعشرات السنين وكان
الإعدام مصير كل من ينتسب لهم ، هذا صحيح .. ولكن لا يمكننا القول أنهم هم
من أشعل الثورة أو من قادها فهذا غير صحيح ، من أشعل الثورة هم شباب سورية
في الداخل السوري حيث لا تواجد للإخوان وقتها ، ومن أشعل الثورة كانوا
طلابا وعمالا وموظفين وكانوا من مختلف شرائح الشعب ولا يعرفون الانتماء
السياسي وليس لهم مطالب سياسية سوى الحرية والعدالة والعيش بكرامة ، ولكن
لإن الإخوان المسلمين يجيدون التصيد في الأزمات ويعرفون كيفية الاستحواذ
على الأحداث فقد نجحوا في هذا مع الثورة السورية عبر إرسال الدعم وعبر
الإعلام وإظهار أنفسهم وخلاياهم أنهم هم القوة الفاعلة ، ثم فيما بعد عن
طريق سيطرتهم على الائتلاف الوطني وغيره ، ولا ننسى أنهم كانوا سابقا
ينعمون بدعم بعض الدول إضافة إلى أنه لهم تواجد في دول الجوار ولهم علاقات
أيضا مع أجهزة أمنية إقليمية ومن هذا القبيل ؛ ولكن السؤال هو هل هم
مقبولون لدى الشعب السوري كجهة سياسية تقرر مصيرهم ؟ وهل لهم رصيد شعبي
كافٍ ليكونوا من خلاله أسياد العمل السياسي في سورية ؟ طبعا لا ، وما تلك
الخلافات التي تظهر إلا دليل على ذلك ، فمعظم الفصائل المسلحة الآن لا تريد
للإخوان المسلمين أن يكونوا أوصياء عليها وعلى الثورة ، كما أن تجربة نجاح
وصول الإخوان المسلمين للحكم في بعض الدول العربية قضى على البقية الباقية
من احترام الآخرين لهذه الجماعة ، إذ أنهم في مصر أعلنوا ولائهم لإيران
وفي تونس فشلوا في إقامة نظام تعددي ديمقراطي ، فما الذي سيجعلهم ينجحون في
سورية بعد فشلهم في مصر وتونس؟ ثم دعني أقل لك شيئا .. هناك أسماء
نسمعها الآن ونقرأ عنها لا نعرف كيف وصلت للقيادة وما هو رصيدها الشعبي ،
وأيضا من هو الذي لا يحمل جوازا أجنبيا وينعم بالرفاهية والدعم في دول
الغرب والشرق من وجوه المعارضة وتحديدا الاخوان المسلمين ؟ ومن هو الذي لا
يملك مرجعية أخرى غير المرجعية السورية سواء داخل الائتلاف أو غيره ؟ لو
أردت سأعطيك لكل اسم من رموز المعارضة ما هو جواز سفره الأجنبي أو العربي
الآخر وفي أي ضاحية من الضواحي الراقية يقيم ومن هي مرجعيته وممولوه ، فهل
هؤلاء هم من يمثلون الشعب السوري ؟ ثم لا ننسى أن المخلصين للثورة أو للعمل
الإغاثي أو التطوعي أو غيره قد خيروهم بأنه ليس أمامهم إلا أن يقدموا آيات
الولاء والطاعة سواء للإخوان أو للائتلاف أو سيتعرضون للتهميش وتشويه
السمعة وقلب الحقائق أو للإهمال على أحسن حال. -ما هي نظرتكم الآن لواقع الأحداث ؟
أخي الكريم .. النظام السوري الآن يدفع البلاد والعباد إلى التقسيم
الجغرافي على أساس طائفي وقد فتح سورية أمام الميليشيات الأجنبية وخاصة حزب
الله اللبناني ودمر معظم البنية التحتية للمدن السورية في الشمال والجنوب
وهاهي دمشق تُضرب وتدك بشتى أنواع الأسلحة بيد الجيش السوري الذي كان من
المفروض أن يكون هو المدافع عنها ، ولكن هذا بطبيعة الحال لن يدوم إلى
الأبد فالقوى العالمية والتي تآمرت مع النظام السوري أدركت أن هذا الأمر لن
يدوم وأنه لابد من وضع نهاية له ، وأنا أرى أن هناك اتفاقا عالميا على
التقسيم وأن ما يحدث الآن في سورية إنما هو مقدمات التقسيم وإقامة دويلات
أهمها الدولة العلوية في الساحل ، وسواء وافق الشعب السوري أو رفض فإن ما
يتم إعداده في المطابخ الدولية سوف يتذوقه ولكن مع الألم والمرارة للأسف ،
ولم يكن النظام السوري ليستطيع أن يفعل كل هذا لو كانت يد الشعب واحدة ولو
لم تعمل الفتنة عملها بينهم ، وحتى المعارضة السورية على اختلافها فإننا
ندعوها إلى نبذ الخلافات والاختلافات والاتحاد فيما بينها ورص الصفوف في
مواجهة الخطر الأكبر وعدم الاقتتال والتشكيك فيما بينهم .. نقول لهم كفوا
أيديكم وألسنتكم وكونوا يدا واحدة . أما أصحاب العمل الإغاثي والإنساني في
خارج سورية فنحن نقول أن هذه الأعمال إنما تندرج تحت البنود الإنسانية
وأنها مقبولة عالميا مالم تتحكم فيها السياسة ولهذا فالأفضل تحييدها عن
العمل السياسي .. فإغاثة إخواننا وأهلنا في سورية واجب شرعي ووطني ولا أحد
يعترض عليه بشرط عدم التسييس وعدم هيمنة الجهة الواحدة على هكذا أعمال.
صدور العدد 152 للسنة الخامسة عشرة من مجلة الوقائع الدولية
صدر
العدد رقم 152 للسنة الخامسة عشرة - يونيو "حزيران" 2013م الموافق لشهر
رجب 1434 هـ من "مجلة الوقائع الدولية" الصادرة في فرنسا ، وقد احتوى العدد
على العديد من المواضيع الهامة والساخنة حيث انتهزت المجلة فرصة وجود رئيس
تحريرها الدكتور رشيد بن محمد الطوخي في جاكرتا واجرت لقاءا شاملا معه
تناولت فيه ملف الثورة السورية ، وقد تحدث الدكتور رشيد لمدير مكتب المؤسسة
في جاكرتا السيد "منصور الخالدي" عن جميع نقاط وتطورات الوضع على الساحة
السورية ، كما احتوى العدد على بعض الدراسات والتقارير عن فيتنام
وماليزيا وكذلك عن سورية والمنطقة ، إضافة إلى بعض المقالات والآراء باللغة
الإنجليزية بجانب اللغة العربية .